كتب إليوت براشيه أن سقوط مدينة الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، فتح فصلًا جديدًا من المأساة السودانية التي يتسارع نزيفها منذ أكثر من عام ونصف. فبعد اقتحام المدينة في السادس والعشرين من أكتوبر، تواصلت عمليات القتل والنهب، بينما تشير تقديرات محلية إلى مقتل آلاف المدنيين تحت وطأة الحصار والاقتحامات العشوائية.

 

ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن الإمارات، الحليف الأبرز لحميدتي، قدّمت دعمًا لوجستيًا حاسمًا لقوات الدعم السريع خلال الهجوم على الفاشر، ما مكّنها من تحقيق تفوق ميداني على الجيش السوداني في دارفور. يشمل الدعم، بحسب مصادر دبلوماسية وإقليمية، تزويد القوات بالأسلحة والطائرات المسيّرة والوقود، إضافة إلى تسهيلات لوجستية عبر الأراضي التشادية. ورغم أن أبوظبي تنفي رسميًا أي تورط مباشر، إلا أن تقارير الاستخبارات الغربية تشير إلى دورها المتزايد في تغذية الصراع.

 

عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا في الثلاثين من أكتوبر لمناقشة الوضع، وأعرب عن "قلقه البالغ" من تصاعد العنف وتلقيه "تقارير موثوقة" حول إعدامات جماعية في المدينة. بعد ذلك بيومين، أدان الاتحاد الأوروبي "وحشية قوات الدعم السريع"، مؤكدًا أنه سيستخدم "كل الأدوات الدبلوماسية المتاحة، بما في ذلك الإجراءات التقييدية"، لمحاولة التوصل إلى حل سلمي. غير أن هذه الإدانات، كما يرى ناشطون سودانيون، لا تتجاوز حدود التصريحات المكررة التي لا تُترجم إلى أفعال.

 

انتقدت الباحثة السودانية خلود خير، مؤسسة مركز "كونفلوينس أدفايسوري"، موقف الغرب قائلة: "الدول الغربية تصدر بيانات إدانة متتالية، لكنها لا تفعل شيئًا فعليًا لوقف المأساة. الصمت الغربي لا يقلّ خطورة عن السلاح في يد حميدتي." ويعبّر هذا الإحباط عن شعور متنامٍ داخل الأوساط السودانية بأن المجتمع الدولي اختار إدارة الظهر لبلد يموت ببطء.

 

في دارفور، يواجه المدنيون جحيمًا متجددًا. القرى تُحرق، والمستشفيات تُقصف، وطرق الإمداد تُقطع بالكامل. الفاشر، التي كانت آخر المدن الكبرى في الشمال تحت سيطرة الجيش، تحوّلت إلى أطلال، بينما تفرّ عشرات الآلاف من الأسر نحو المجهول. منظمات الإغاثة تؤكد أن المساعدات لا تصل إلا نادرًا، وأن حالات سوء التغذية تتصاعد بوتيرة مخيفة.

 

وراء هذا الخراب، تبرز شبكة معقّدة من المصالح الإقليمية. يرى محللون تحدثوا لـ"لوموند" أن الإمارات تسعى من خلال دعمها لقوات الدعم السريع إلى توسيع نفوذها في القرن الأفريقي والسيطرة على الموانئ الاستراتيجية على البحر الأحمر، مستفيدة من ضعف الحكومة السودانية وانقسام الجيش. هذا التمدد لا ينفصل عن صراع النفوذ مع السعودية ومصر، اللتين تفضلان دعم الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان.

 

من جهة أخرى، يغيب الضغط الغربي الحقيقي، إذ تكتفي واشنطن ولندن وباريس ببيانات "قلق" دورية بينما تستمر شحنات السلاح في التدفق عبر وسطاء. لا عقوبات فعالة، ولا تحرك لوقف تمويل الحرب، ولا مبادرة جادة لفرض وقف إطلاق نار دائم. وبحسب مصادر دبلوماسية، يعكس هذا التردد رغبة غربية في تجنّب التصادم المباشر مع الإمارات، الشريك الاقتصادي والعسكري القوي.

 

في الداخل السوداني، تتعمق الانقسامات ويزداد الانهيار. مئات الآلاف من المدنيين عالقون في مناطق القتال من دون ماء أو دواء أو غذاء، فيما تستمر المجازر بلا رادع. بعض الشهادات الواردة من الفاشر تتحدث عن مقابر جماعية في أطراف المدينة وعن استهداف مباشر للمدنيين على أساس عرقي. الأمم المتحدة وصفت الوضع الإنساني في دارفور بأنه "كارثي وغير قابل للاستمرار".

 

ورغم كل ذلك، لا يلوح في الأفق أي أفق سياسي. حميدتي يواصل تمدده في الغرب والجنوب، بينما يحاول البرهان الحفاظ على ما تبقى من نفوذ في الشرق والعاصمة. القوى المدنية مشتتة، والعالم منشغل بأزمات أخرى. وفي خضم هذا الصمت، تبقى دارفور شاهدة على جريمة مركّبة: حرب تُدار على الأرض بأموال ودعم خارجي، وصمت دولي يمنح القتلة الوقت الكافي لإكمال عملهم.

 

تختتم لوموند تقريرها بالتأكيد أن السودان يعيش لحظة اختبار أخلاقي للعالم بأسره، وأن صمت العواصم الغربية عن دور الإمارات، ودورها في تسليح طرفٍ يغرق البلاد في الدم، ليس حيادًا بل تواطؤًا مستترًا. وفي بلدٍ أنهكته الحروب والانقلابات، تبدو العدالة أبعد ما تكون — فيما يتكاثر الضحايا ويصغر الأمل.

 

https://www.lemonde.fr/en/le-monde-africa/article/2025/11/03/the-uae-s-shady-role-in-sudan-and-western-nations-culpable-indifference_6747044_124.html